الحياة جميلة لمن يفهمها

Written By Unknown on الخميس، 30 أغسطس 2012 | 4:25 ص

انتفض من النوم على أثر كابوسٍ مزعج .. إنه الكابوس ذاته الذي لازمه في الفترة الأخيرة ..
إنه أسوأ ما يمكن أن تخبره لبني البشر .. كان يأتيه هاتف في الحلم فيخبره بأن أيامه في الحياة باتت معدودة ..
يا إلهي ما هذا المصاب الجلل ؟؟ .. هل سأترك كل هذه الثروات التي جمعتها وأفنيت عمري في تكديسها وأرحل عن هذه الدنيا ؟! .

حاول أن يتجاهل الأمر وأن يقنع نفسه بأن ما يراه ما هو إلا أضغاث أحلام ..
لكن الموضوع أخطر من أن يتجاهله حتى ولو كان احتمال تحققه لا يذكر ..هذا بالإضافة إلى أنه  يسبب له مصدر قلق ويعكر عليه نعيمه وحياته كلها ..

حاول أن يستعين بالطب ليطرد عنه هذا الكابوس ويحصل على نوم هانئ ، فباءت محاولاته كلها بالفشل ..
استعان بـ "المشعوذين" و "المشايخ" ولكن دون جدوى ..

وأخيراً وبعد أن سيطر اليأس على نفسه أتاه خاطر لطالما لم يكن موضع اهتمام بالنسبة له منذ زمن بعيد جداً ..
لقد قرر أن يذهب فيما تبقى من أيام عمره إلى مكة المكرمة معتمراً ، علّه يهتدي إلى سبيل يخلصه مما كدّر عليه صفو عيشه وطمأنينته ..
وبينما هو في الطائرة يعيد شريط حياته إلى الخلف متذكراً ما فعله بعُجَره وبُجَره ، تذكر أنه سمع من أحد رجال الدين أن للمسلم دعوةً مستجابة عند أول لحظة تقع عينه فيها على الكعبة المشرفة ..
فبيّت في قرارة نفسه أنه سيطلب من الله تعالى أن يصرف عنه هذا البلاء العظيم وبالمقابل سيعود هو إنساناً آخر يكرّس حياته للأعمال الخيرية وسيحصي ويدفع ما عليه من أموال الزكاة المتراكمة في ذمته والتي لم يفكر بدفعها منذ سنين طوال ..
وفعلاً ومع دخوله إلى الحرم المكي رفع يديه إلى السماء وأخلص الدعاء والبكاء والتوبة لله .. ثم انصرف لأداء مشاعر العمرة ..
وبعد يوم مجهدٍ -بالنسبة له- وضع رأسه على الوسادة وخلد إلى النوم ..
فتح عينيه على صوت زوجته التي أيقظته عند أذان الفجر ليحضر الصلاة مع الجماعة ..
فاستهل وجهه وابتسم ابتسامةً عريضةً وأمسك برأس زوجته وقبله من شدة الفرح وقال لها :
( الحمد لله ، لقد أجاب الله دعوتي .. أتاني الليلة صوت الهاتف ذاته ولكن لا ليخبرني بالذي كان يخبرني به من قبل وإنما قال لي : "يا فلان لقد قبل الله تعالى توبتك و أجاب دعاءك ، فجد شخصاً يعطيك شيئاً من عمره وسيسمح لك الله بأن تعيشه بدلاً منه" ) !! .

أنهى الرجل رحلته على عجلً وعاد إلى بلده وبدأ حملة إعلانية في كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ، يعرض فيها جزءاً كبيراً جداً من ثروته مقابل عددٍ قليل من السنين من عمر الطرف الآخر .. ولا مشكلة لديه في ذلك فهو يستطيع خلال العمر الجديد أن يسترد ما سيدفعه في هذه الصفقة ، من خلال تجارته وشركاته الرابحة .

توقّعَ أن جهازه النقال لن يهدأ لكثرة العروض ، وستبدأ المساومات على السعر ولن يخسر كل الذي عرضه في الإعلان .. فهناك الكثيرون ممن أغلقت الدنيا أبوابها في وجوههم ولم يحالفهم الحظ فيها .
طال انتظاره ولم يتصل به ذلك "الشخص المخبول" من وجهة نظره والذي سينقذه من قدرٍ لا مهرب منه ..
اضطر إلى رفعِ الثمن المعروض و غيّرَ الإعلانَ من جديد .
لقد عرض كامل ثروته مقابل سنة واحدة فقط .. ولكن دون جدوى .
لقد كان عرضاً مغرياً وسخياً .. ولكن كل الذين أقنعوا أنفسهم به في بادئ الأمر عادوا إلى رشدهم ورفضوه ، ولسان حالهم يقول :

0 التعليقات:

إرسال تعليق